الشعار الثالث والعشرين من العمر، لكنه استطاع أن يحلق عالياً في فضاء البحث العلمي، بعد أن اختارته جامعة يوتاه Utah الأميركية، ليكون مسؤولاً ومشرفاً على بحث مخبري أكاديمي من اجل الوصول الى تحديد آليات واضحة لمعالجة سرطان الرئة الناجم عن التدخين، ما يعني المساهمة في إنقاذ الملايين من الاشخاص المعرضين للاصابة بهذا المرض الخبيث.
ولعل قدراته وكفاءته العلمية كطالب متفوق من الجامعة الأميركية في بيروت A.U.B، شرعت له المجال ليصل إلى أهم المراكز العلمية في العالم، ذلك أن نادر نسيب الشعار (طالب الابحاث سنة ثانية في دكتوراه علوم السرطان من جامعة يوتاه في الولايات المتحدة الامريكية)2nd year phD Student in Oncological Sciences at The University Of Utah)، تمكن من تأكيد حضوره بين مئات الطلاب من مختلف الجنسيات، وهو بالرغم من أنه من مواليد كاروينا الشمالية وحائز على الجنسية الأميركية، إلا أنه يفاخر بانتمائه إلى وطنه لبنان وليس من قبيل الصدفة أنه تابع دراسته الجامعية في بيروت، فضلاً عن الحضور لبنان كلما سنحت له الفرصة.
ما تجدر الاشارة اليه إلى أن الشعار الشاب اليافع، اختار مجالات بحث متطورة في مواجهة المرض الخبيث، تقوم على دراسة الجينات وعلاقتها بمرض السرطان، وهي تعتبر مجالات واعدة لمواجهة أمراض كثيرة قبل الاصابة بها، بمعنى الحماية والخضوع لفحوصات مخبرية استباقية، بحيث أن الأبحاث التي ينكب عليها الآن والتي قطع فيها شوطاً مهماً، تتمثل في إمكانية إجراء فحص مخبري لمعرفة ما إذا كان الشخص مهيأ جينياً للإصابة بالمرض، ولعل هذا هو التحدي الاكبر الذي يواجه الشعار في ميدان أبحاثه القائمة، خصوصاً وأن الفريق الطبي الذي اكتشف الجين المسبب لسرطان الرئة وجد العلاج له، لكن ما هو منتظر من الشعار خلال ما بقي من سنوات لاستكمال البحث ونيل الدكتوراه يتمثل في إمكانية إجراء فحص مخبري لتقصي هذا الجين والجينات الاخرى المتفاعلة معه.
موقع "غدي نيوز" التقى الشعار خلال زيارة مؤقتة في لبنان، وكان الحوار الآتي:
لماذا اخترت البحث العلمي بديلاً عن التخصص كطبيب في مجال السرطان؟
لان الطب التقليدي له حدود معينة، بينما الابحاث العلمية والمخبرية مشرعة على اكتشافات جديدة ومعالجات ثمينة، بمعنى المفاضلة بين التلقي والاكتشاف، فآثرت البحث العلمي لأنني شغوف بهذا العلم منذ دراستي الجامعية في مختبرات الجامعة الأمريكية في بيروت.
كيف انطلقت في مسيرتك العلمية من لبنان الى الولايات المتحدة؟
أنهيت دراستي في الجامعة الأميركية في بيروت A.U.B، ونلت شهادة في العلوم البيولوجية B.Sc. in Biology، وبعدها التحقت بجامعة يوتاه في قسم العلوم السرطانية Oncological Sciences، ودرست خلال سنة دراسية كاملة البيولوجيا الجزيئية Molecular Biology، ومن ثم اخترت قسم الابحاث وعنوان شهادة الدكتوراه حول دور الجينات المسببة لسرطان الرئة، وانطلقت من دراسة تم إنجازها من قبل مختبريْ البروفسورة اندريا بيلد Andreah Bild في جامعة يوتاه ومختبر جامعة بوسطن الذي يشرف عليه البروفسور أفروم سبيرا Avrum Spira، هذه الدراسة التي خلصت الى اكتشاف الجين الرئيسي المسبب لسرطان الرئة الناجم عن التدخين (90 بالمئة من سرطان الرئة ناجم عن التدخين)، وهذا الجين تم تحديد دوره في سرطان الرئة ويعرف بالـ PI3K.
هل بدأتم من المرحلة التي انتهت اليها الدراسة؟ وهل حققتم خطوات ما في اكتشاف العلاج؟
يهمني في هذا المجال التأكيد على خصوصية الابحاث التي نقوم بها، على الاقل في تفاصيلها الدقيقة، لاعتبارات متصلة بالملكية الفكرية، لكن ما يمكن قوله اننا ما نزال في طور البحث عن جينات أخرى تتفاعل مع هذا الجين المكتشف PI3K، لتحديد آلية عمله على نحو دقيق بما يتيح لنا لاحقاً اكتشاف نوع المعالجة، وهنا أهمية هذا البحث، لا سيما لجهة تحديد الجينات المسببة للسرطان قبل أن تصيب الرئة بحيث يصبح من المتعذر علاج المرض.
هل يمكن اجراء فحوصات الآن تبين وجود وطبيعة هذه الجينات وما اذا كان الشخص مهيأ جينياً للاصابة بهذا المرض؟
هذا ما نطمح الى تحقيقه، وكل المعطيات الأولية تؤكد اننا سنصبح قادرين على إجراء مثل هذا الفحص المخبري ليكون بمثابة اجراء روتيني مسبق للحماية والوقاية من سرطان الرئة.
استناداً إلى هذه الدراسة هل ثمة علاج يمكن أن يسبق الحالة السرطانية التي من الصعب والمتعذر علاجها؟
الابحاث والنتائج المهمة التي توصل إليها مختبرا بوسطن ويوتاه، بيّنت أن مركب المايو اينوسيتول Myo-Inositol الموجودة طبيعياً في الفاكهة والبقوليات والحبوب والمكسرات (البندق) قادرة على حماية الرئة من الخلايا المهيأة للتحول الى خلايا سرطانية، وقد لاقى هذا البحث اهتماماً أكاديمياً، فضلاً عن إيلاء وكالات الانباء العالمية اهتماما استثنائياً، ولا سيما منها وكالتي (رويترز) و(أ.ب) وغيرهما ممن أبدت الاهتمام بهذه الابحاث التي صدرت في نيسان (ابريل) 2010.
ما هو دور نادر نسيب الشعار في هذه الابحاث؟
أنا الآن مسؤول عن هذه الأبحاث لجهة تطويرها من اجل الوصول الى تحديد آليات واضحة للمعالجة، ومنها ما هو على صلة بالفحوصات المخبرية التي قد تنقذ ملايين الاشخاص المعرضين للاصابة بهذا المرض الخبيث.
كيف قبل القيمون على الجامعة أن يكون شخص لبناني وعربي مسؤولاً عن مثل هذا البحث؟
في هذا المجال لا بد من التنويه بجامعتي الأم، أي الجامعة الأميركية في بيروت التي هيأت ووفرت لي امكانية تأكيد حضوري في جامعة يوتاه، وأخص بالشكر الدكتورة ريا صعب التي منحتني الخبرة والامتياز في الابحاث، وثقتها بقدراتي في مختبرها في الجامعة الأميركية في بيروت الذي شكل لي بطاقة عبور الى الولايات المتحدة، ويهمني الاشارة الى انني من ابوين لبنانيين، ولكنني من مواليد ولاية كارولينا الشمالية واحمل الجنسية الأميركية، فضلاً عن أن إمكانيات الشخص قد لا تكون خاضعة بالضرورة لمعايير ضيقة خصوصاً على مستوى الشعوب والدول الاخرى.
ما هي الامور التي تمكنت من تحقيقها او ما هي النتائج التي توصلت اليها حتى الآن من موقع أنك المشرف على هذه الابحاث؟
ثمة تفاصيل غير مخول للحديث عنها تبعاً للأعراف والأصول الاكاديمية، ولكن يمكنني القول انني توصلت حتى الآن إلى تحديد مسارات صحيحة ستفضي إلى النتائج المتوخاة، وهذا جلّ طموحي في هذه الفترة الدراسية لنيل شهادة الدكتوراه ومن ثم الانطلاق الى مجالات أرحب.
السلطان